هنا جلال المشرف
عدد المساهمات : 1267 تاريخ التسجيل : 17/07/2014 الموقع : http://www.mohamedgalal.org/
| موضوع: كيفية قراءة القرآن الكريم بقراءة التدبر ، وقراءة التعبد الجمعة مارس 27, 2015 12:52 pm | |
| التفسير المطول - سورة الأعراف 007 - الدرس(60-60): تفسير الآيات 204 - 206 ، كيفية قراءة القرآن الكريم بقراءة التدبر ، وقراءة التعبد لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-02-13 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه : أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس الستين وهو الدرس الأخير من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الرابعة بعد المئتين ، وهي قوله تعالى : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ أولاً فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه ، هذا كتاب ليس كأي كتاب ، إنه كتاب خالق السماوات والأرض ، هذا كتاب ليس فيه أي زيغ ، ولا فيه أي شك ، يقين قطعي ، هذا كتاب يجب أن نتلقاه بخصوصيات كثيرة ، من هذه الخصوصيات : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾ الفرق بين سمع واستمع كبير جداً ، أنت حينما تجلس وتأتي بمسجلة وتضع شريطاً وجلست لتستمع هذا شيء ، إن كنت تمشي في الطريق ووصل إلى أذنك صوت ما من مذياع ، أو من شخص ، هذا سماع ، فالسماع غير مقصود ، أما الاستماع مقصود بذاته . لذلك ورد في الحديث : (( من استمع إلى قينة )) [ابن عساكر عن أنس] وهذا من رحمة الله بنا ، من استمع ، الإنسان يمشي في الطريق الأذن مفتوحة ، وقد يأتي صوت قد لا يرغب أن يستمع إليه ، لكنه يسمعه ، لعظمة هذا الكتاب ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ أي اجعل سماع القرآن الكريم مقصوداً ، اجلس كي تستمع القرآن الكريم ، اجلس كي تتأمل في آيات القرآن الكريم ، كي تتفكر في آيات القرآن الكريم . القرآن الكريم يقدم للإنسان إضاءة لسرّ وجوده وغاية وجوده و لما بعد الموت : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ لماذا ؟ لأن الله عز وجل قبل آية واحدة قال : ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ ( سورة الأعراف ) هذا الكتاب يريك الحق حقاً والباطل باطلاً . ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ ( سورة الكهف ) هذا القرآن يقدم لك إضاءة لسرّ وجودك ، لغاية وجودك ، لما بعد الموت ، لماذا خُلقت ؟ ماذا ينبغي أن تفعل ؟ ما سبب سلامتك وسعادتك ؟ ﴿ بَصَائِرُ ﴾ يقدم لك تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً عن الكون ، والحياة ، والإنسان ، يقدم لك حقيقة الخير والشر ، حقيقة الجمال والقبح ، حقيقة العلم والجهل . لذلك : ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ من الذي يربيكم ؟ من الذي خلقكم ؟ من الذي أمدكم ؟ من الذي يعتني بكم ؟ من الذي ينقلكم من حال إلى حال ؟ ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى ﴾ تهتدي به إلى سبل سلامتك . ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾ ( سورة المائدة الآية : 16 ) سلام مع نفسك ، سلام مع أهلك ، سلام مع مجتمعك ، سلام مع من هو فوقك ، ومع من هو دونك ، سلام من أجل صحتك ، من أجل أسرتك ، من أجل سعادتك ، من أجل سلامتك . الاستماع إلى القرآن الكريم طريق سلامة الإنسان و سعادته : ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ الرحمة مطلق عطاء الله ، الرحمة سكينة ، الرحمة تجلٍّ ، الرحمة سعادة ، الرحمة أمن ، الرحمة طمأنينة ، الرحمة رضا ، الرحمة تفاؤل ، فهذا القرآن فيه هدى ، فيه رحمة ، فيه بصائر ، لذلك ليس القرآن كتاباً كأي كتاب . ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ استمع ، قد يقرأ القرآن وهناك أصوات أخرى ، يوجد حديث آخر ، مثلاً : القرآن ينطلق من إذاعة ، والمذياع في غرفة الجلوس مثلاً وهناك حديث ، لا ، استمع وأنصت من حولك ، ﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾ قد تستمع وهناك أصوات كثيرة تأتي إليك الأولى والأكمل أن تستمتع إلى القرآن ، وألا يدخل إلى الأذن شيء آخر معه ، وإن كان هذا مستحيلاً ، لكن هذا هو الأدب الكامل مع القرآن الكريم . ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ لعلكم تسعدون ، لعلكم ترون من خلال آياته الحق حقاً ، والباطل باطلاً ، لعلكم ترون من خلال آياته طريق سلامتكم وطريق سعادتكم ، لعلكم إذا قرأتم آيات القرآن الكريم كان منهجاً لكم ، كان سبيلاً إلى سلامتكم ، ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ علامة صحة سماعك للقرآن الكريم المبادرة إلى تطبيقه : أخوانا الكرام ، معنى الاستماع يعني هناك شيء دقيق ، الله عز وجل يريدنا أن نفهم الاستماع على أنه تطبيق ، كيف ؟ قال : ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ ( سورة التحريم الآية : 4 ) يعني إصغاء القلوب كان صحيحاً ، لا تعد مستمعاً ، ولا تعد منصتاً ، ولا تعد متلقياً ، إلا إذا انقلبت هذه الآيات من أصوات تستمع إليها إلى سلوك يومي . أيها الأخوة ، الدقة البالغة أن الإنصات يعني التطبيق ، نأتي بمثل بسيط : إنسان واقف بشكل طبيعي، أمامه صديقه ، فقال له صديقه : على كتفك عقرب ، لو أن هذا الذي على كتفه عقرب ، بقي هادئاً ، مرتاحاً ، فلما سمع هذه الكلمة قال له : شكراً على هذه الملاحظة ، وأرجو الله أن يمكنني أن أكافئك عليها ، هل تعتقدون أنه فهم ما قيل له ؟ لو أنه فهم ما قيل له لقفز ، وخلع معطفه، وصاح ، العقرب لدغتها قاتلة أحياناً فلذلك لأنه بقي هادئاً وما تحرك ، ولا خلع معطفه ، ولا اضطرب ، معنى ذلك لم يستمع . علامة استماعك الحقيقي الانفعال وعلامة الانفعال الحقيقي الحركة : علامة استماعك الحقيقي الانفعال ، وعلامة الانفعال الحقيقي الحركة . لذلك بعض العلماء جاء بقانون ، هذا القانون أساسه أن هناك إدارك ، وهناك انفعال ، وهناك سلوك، لا يصح إداركك إلا إذا نتج عنه انفعال ، إذا في خبر خطير ما تحركت ، قال لك عقرب ما اضطربت ، قال لك أفعى ما مشيت ، ولا تأثرت ، علامة صحة الإدراك الانفعال ، وعلامة صحة الانفعال السلوك ، تتحرك ، إما لقتل الأفعى أو للهروب منها ، أما كلام خطير متعلق بمصيرك ، متعلق بسلامتك ، متعلق بسعادتك لا تتأثر ، هنا المشكلة ، فلذلك : ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ ( سورة الأنفال ) كأن السماع عند الله عز وجل في القرآن الكريم يعني التطبيق ، علامة صحة سماعك المبادرة إلى التطبيق ، ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ كان إصغاؤها صحيحاً صغت يعني من الإصغاء ، ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ ﴿ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ أنت في هذا الدرس وأنا معكم إن لم تنقلب هذه الآيات إلى سلوك فكأننا ما سمعنا ، عند الله السماع يعني التطبيق ، والآيات واضحة ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ وهم عند الله لم يسمعوا ، ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ فإذا قال الله عز وجل : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ أي اصغوا إلى آياته ، وترجموها إلى سلوك ، قال لك غض بصرك ، غض بصرك . ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ ( سورة هود الآية : 112 ) ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾ ( سورة الحجرات الآية : 12 ) لا تغتب أخاك ، هذا المعنى الدقيق لكلمة : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ أي طبقوا ما فيه . الأدب مع سماع القرآن الكريم : أيها الأخوة ، ﴿ وَأَنْصِتُوا ﴾ لا تسمح لتداخلات ، وأصوات كثيرة ، وتعليقات ، وأنت تستمع إلى كتاب الله ، هذا كتابنا ، هذا منهجنا ، هذا دستورنا ، هذا كلام خالقنا ، ومرة ثانية فضل كلام الله على كلام خلقه كفضل الله على خلقه . ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾ يعني حديث ورفع صوت في غرفة الجلوس ، وأنت تستمع إلى القرآن الكريم ، لا ، أنصتهم ، تعلم الأدب لسماع القرآن ، نجلس لنستمع إلى القرآن الكريم . ﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ هل تستهين بكلمة ﴿ تُرْحَمُونَ ﴾ ترحمون أي أنت سعيد ، أي أنت حكيم ، أي أنت آمن ، أي أنت موفق ، أي أنت مستجاب الدعوة ، أي أنت متصل بالله ، هذا معنى ﴿ تُرْحَمُونَ ﴾ أنت راضٍ عن ربك ، راضٍ عن وضعك في الدنيا . الآن هناك من يستمع ولا ينصت ، يسمع قرآناً لكن لا يوجد إنصات ، لا يوجد متابعة ، لا يوجد تدقيق ، لا يوجد تأمل ، لا يوجد تدبر ، يستمع ولا ينصت ، هناك من يستمع وينصت ولا يتعبد ، هذا القرآن تعبدنا الله بقراءته ، كتاب ليس كأي كتاب ، إذا قرأناه نتعبد الله بقراءته . على الإنسان أن يقرأ القرآن بنيّة عبادة الله عز وجل بقراءته : أيها الأخوة : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ ( سورة الأنعام الآية : 1 ) ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾ ( سورة الكهف ) كأن الكون كله بكفة ، وكلام الله جلّ جلاله بكفة أخرى ، الله عز وجل خلق الدنيا ونورها بالقرآن ، يشق الطريق ، بعد أن يشق الطريق ، توضع شاخصات ، هنا منعطف خطر ، هنا جسر ، هنا طريق صاعدة ، هنا طريق زلقة ، انتبه يوجد شاخصات ، فالله عز وجل خالق الأكوان ونورها بالقرآن الكريم . ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ يجب أن تقرأ القرآن وأنت بنية أن تعبد الله بقراءته . على الإنسان أن يقرأ القرآن قراءة تدبر : لذلك ليست العبرة أن تقول قرأت جزءاً ، اقرأ جزءاً كتلاوة ، اجعل لك قراءتان ، قراءة تدبر ، وقراءة تعبد ، التعبد أن تقرأ القرآن كل يوم جزء ، جزأين ، وهناك كلمة عند حُفاظ كتاب الله من لم يقرأ همساً ينس ، يعني ينسى ، حُفاظ كتاب الله يقرؤون كل يوم خمسة أجزاء ، هذه قراءة تعبد ، أما أنت بحاجة إلى قراءة تدبر ، ولو قرأت في اليومين آية واحدة ، أن تقف عند معانيها ، عند مدلولاتها ، عند التطبيق العملي لها ، ماذا ينبغي أن تعمل ؟ يعني مثلاً قرأت آية فيها أمر هل ائتمرت بما أمر الله ؟ قرأت آية فيها نهي هل انتهيت عما نهى عنه الله ، قرأت آية فيها وصف لأهل الجنة ، هل تسعى إلى الجنة ؟ قرأت آية فيها وصف لأهل النار ، هل تفر من النار ولو بشق تمرة ؟ قرأت آية فيها وصف لأمة سلفت عصت ربها فأهلكها الله، هل اتعظت بها ؟ قرأت آية فيها من آيات الكون هل تفكرت بها ؟ التدبر أن تأخذ موقفاً من الآية، الأمر أن تأتمر ، النهي أن تنتهي ، وصف الجنة أن تسعى إلى الجنة ، وصف للنار أن تفر منها . على الإنسان أن يستمع وينصت ويتعبد الله أثناء تلاوة القرآن الكريم : إذاً هناك من يستمع ، وهناك من يضيف إلى الاستماع ، هناك من يسمع ، لو في قرآن يصدح من محل تجاري مثلاً ، أنت سمعت الآية ، هناك من يسمع ، وهناك من يستمع ، هناك من يستمع وينصت ، هناك من يستمع وينصت ويتعبد الله بهذه التلاوة . مثلاً : سيدنا جعفر يقول كلاماً رائعاً ، قال : عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ ( سورة آل عمران ) ماذا قال الله بعد هذه الآية ؟ ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ ( سورة آل عمران ) لذلك سيدنا جعفر يقول : عجبت لمن يخاف ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ الاستعانة بالله عز وجل أساس نجاة الإنسان من المصائب : ثم يقول سيدنا جعفر : وعجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ( سورة الأنبياء ) وهو في ظلمة بطن الحوت ، وفي ظلمة الليل ، وفي ظلمة البحر ، في ظلمات ثلاث والأمل بالنجاة معدوم ، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ ماذا قال الله بعدها ؟ : ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ( سورة الأنبياء ) فعجبت لمن يخاف ولم يفزع لقوله تعالى ، وقرأ هذه الآية ، وعجبت لمن مُكر به ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ﴾ ( سورة غافر الآية : 44 ) المؤمن المستقيم الطائع يفوض أمره إلى الله عز وجل عند مكر الآخرين به : إذا أنت مؤمن ، مستقيم ، طائع ، محب ، مقبل ، ولك عدو خطير ، وأقوى منك فمكر بك ، ليس لك حل إلا أن تقول : ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ﴾ ﴿ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ ( سورة غافر ) فجاء الجواب : ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ ( سورة غافر ) إذاً حينما يجتمع الناس ضدك ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ وعجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ وعجبت لمن مُكر به ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ القرآن شفاء للنفوس : أيها الأخوة ، إذاً هذا القرآن فيه شفاء ، القرآن شفاء للنفوس ، والقرآن فيه طرق السلامة والسعادة ، ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾ ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ ﴾ عقله . ﴿ وَلَا يَشْقَى ﴾ ( سورة طه الآية : 123 ) نفسه . ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ( سورة البقرة ) من تبع هداي لا يخاف مما سيأتي ، ولا يندم على ما سبق ، فمن يتبع هدى الله عز وجل لا يضل عقله ، ولا تشقى نفسه ، ولا يندم على ما فات ، ولا يخشى مما هو آت . أيها الأخوة ، الآن عجبت لمن طلب الدنيا ، كما قال سيدنا جعفر ، ولم يفزع إلى قوله تعالى : ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ﴾ ( سورة الكهف ) أربع آيات إما أنك تخاف ، أو يُنكر بك ، أو تطلب الدنيا من وجهها الصحيح ، فكل آية جاءت بعدها آية ، ﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ﴾ الإنصات أساسي أثناء سماع القرآن الكريم : الآن ومعنى ﴿ أَنْصِتُوا ﴾ معنى واسع جداً ، أنصت حينما تتلو القرآن ، لا تستمع إلى غيره ، وهو معك ، أنصت حينما تقرأ القرآن في الصلاة ، وأنصت حينما تقرأ القرآن في المسجد ، وأنصت إذا استمعت إلى خطيب المسجد ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا قلتَ لصاحبك يوم الجمعة : أنصِتْ - والإمام يخطُب - فقد لَغوْت )) [أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن أبي هريرة ] لذلك الآخرون يعجبون من المسلمين ، تجد بالجامع في عشرة آلاف ، فإذا صعد الخطيب المنبر لا تستمع إلى كلمة ، من هذا التوجيه الإلهي ، شيء رائع جداً في حياة المسلمين خطبة الجمعة ، عبادة دعوية ، والكل ينصت ، وقد يكون المتكلم أقل علماً ممن يستمع الخطبة أحياناً ، يكون في أستاذ جامعي ، يكون في إنسان ذو رتبة عالية في الجامعة ، ينصت ، الخطيب يتلو آيات القرآن الكريم . إذاً أول حقيقة أن الاستماع يعني التطبيق ، لن تكون مستمعاً للقرآن إلا إذا طبقت أحكامه . (( رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه )) [ورد في الأثر] التولي و التخلي : ثم يقول الله عز وجل : ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ ( سورة الأعراف ) ﴿ تَضَرُّعاً ﴾ أي تذللاً ، القضية أيها الأخوة كلما تذللت إلى الله رفعك الله ، وكلما استعليت خفضك الله ، إن أردت العز فتذلل بين يدي الله عز وجل ، هناك درسان خطيران درس بدر ، ودرس حنين ، درس بدر بليغ جداً ، ونحتاجه جميعاً ، ودرس حنين خطير جداً ، ونحتاجه جميعاً ، في درس بدر هناك افتقار إلى الله ، افتقروا إلى الله : ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ ( سورة آل عمران الآية : 123 ) ببدر افتقروا إلى الله فلما افتقروا إلى الله عز وجل نصرهم ، وفي حنين اعتمدوا على كثرتهم قال : (( ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفا مِنْ قِلَّةٍ )) [أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس ] فلم ينتصروا ، الملخص : إذا قلت أنا تخلى الله عنك ، قلت أنا بمالي ، بقوتي ، بمنصبي ، بعلمي ، بشهادتي ، بأسرتي ، بمركزي بالمجتمع ، بتاريخي ، إذا قلت أنا تخلى الله عنك وإذا قلت الله تولاك بالرعاية . من تذلل لله رفعه : إذاً ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾ مع الله عز وجل في افتقار ، كلما ازددت افتقاراً له رفعك ، وأعلى قدرك ، ورفع ذكرك ، أعلى شأنك ، هابك أعداؤك ، بل خدمك أعداؤك ، وكلما استعليت على طاعته أذلك الله . اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت * * * (( سبحانك إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت )) مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح . ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ ﴾ لذلك : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ ( سورة الأحزاب ) المناجاة بين العبد و ربه مسعدة لاتصاله مع خالق السماوات و الأرض : أيها الأخوة ، المنافقون قال الله تعالى عنهم : ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ ( سورة النساء ) لذلك ورد في بعض الأحاديث : (( من أكثر من ذكر الله فقد برئ من النفاق )) [ ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن أبي هريرة] (( من حمل سلعته فقد برئ من الكبر )) [ القضاعي والديلمي عن أبي أمامة] (( برئ من الشح من أدى زكاة ماله )) [أخرجه ابن مردويه عن جابر بن عبد الله] ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾ اجعل لك ساعة تناجي بها ربك ، تتذلل له ، يا رب أنا فقير وأنت الغني ، أنا ضعيف وأنت القوي ، أنا جاهل وأنت العليم ، يا رب ارحم ضعفي ، ارحم ذلي بين يديك ، هذه المناجاة بينك وبين الله مسعدة ، لأنك تتصل مع خالق السماوات والأرض . ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ﴾ ورد : (( أن يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك ؟ قال : أحب عبادي إليّ تقي القلب ، نقي اليدين ، لا يمشي إلى أحد بسوء ، أحبني ، وأحب من أحبني ، وحببني إلى خلقي ، قال : يا رب إنك تعلم أني أحبك ، وأحب من يحبك ، فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال : ذكرهم بآلائي ، ونعمائي ، وبلائي )) [من الدر المنثور عن ابن عباس ] ذكرهم بآلائي كي يعظموني ، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني ، وذكرهم ببلائي كي يخافوني . ذكر الله علامة الإيمان : المؤمن الصادق بقلبه تعظيم لله ، بقلبه محبة لله ، بقلبه خوف من الله ، في أمراض ، في أورام ، في فشل كلوي ، في خثرة بالدماغ ، في شلل ، في بلاء مخيف ، في صحة ، في راحة نفسية ، في زوجة صالحة ، في أولاد أبرار ، في دخل وفير ، وفي أشياء تحملك على محبة الله ، وفي آلاء ، وفي مجرات ، وفي كواكب تدعوك إلى تعظيم الله . إذاً ذكر الله علامة الإيمان . (( من أكثر من ذكر الله فقد برئ من النفاق )) [ ابن شاهين في الترغيب في الذكر عن أبي هريرة] دوران الذكر مع الإنسان في كل شؤون حياته : والأمر بالذكر لا ينصب على الذكر فقط بل على كثرة الذكر لقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ لكن بالمناسبة قراءة القرآن ذكر ، والاستغفار ذكر ، والدعاء ذكر ، والتسبيح ذكر والتهليل ذكر ، والتكبير ذكر ، والتمجيد ذكر ، وقراءة كتاب العلم من أجل أن تعرف الله ذكر ، والدعوة إلى الله ذكر ، والأمر بالمعروف ذكر ، والنهي عن المنكر ذكر ، لذلك الذكر يدور مع الإنسان في كل شؤون حياته ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً﴾ وكما قال الله عز وجل : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ ( سورة العنكبوت الآية : 45 ) قال علماء التفسير : أكبر ما فيها : ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ ( سورة طه ) أكبر ما فيها ، وقال بعضهم : ذكر الله لك في الصلاة أكبر من ذكرك له ، إنك إن ذكرته أديت وأحب العبودية له ، أما إذا ذكرك منحك الحكمة . ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾ ( سورة البقرة الآية : 269 ) يعني الصلاة الصحيحة تعني أنك حكيم وقفت كي تصلي وذكرت الله ، فأنت حينما تذكره يذكرك ، يذكرك بأن يهبك الحكمة ، يذكرك بأن يهبك الرضا ، يذكرك بأن يهبك التوفيق ، يذكرك بأن يهبك السداد والرشاد في القول والعمل . لذلك ثمار الصلاة الصحيحة تفوق حدّ الخيال ، أقل هذه النتائج أنك في حفظ الله وفي رعايته . إخفاء الذكر أفضل من رفع الصوت وإزعاج الآخرين : إذاً : ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً ﴾ أي تذللاً ﴿ وَخِيفَةً ﴾ أي خوفاً ، هذه صفات المؤمن الذاكر . ﴿ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ رفع الأصوات ، وأن تعلو على كل صوت ، يعني الله عز وجل يريد قلبك ، يريد إخلاصك ، يريد مودتك ، يريد محبتك ، لا يريد صوتك العالي . لذلك : ﴿ وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ ( سورة الإسراء ) هناك إنسان إذا ما رفع صوته إلى أعلى طبقة ممكنة لا يعد ذاكراً ، لا ، أفضل الذكر إخفاء الذكر ، هناك ذكر بالقلب ، وهناك ذكر باللسان ، لكن بشكل لطيف ، أما رفع الأصوات وإزعاج الناس ، يعني الآذان بالمئذنة لكن المكبر بشكل معتدل ، لأن هناك مريض ، إنسان يعاني ما يعاني ، فرفع الصوت ، وإزعاج الآخرين ، ليس من الذكر إطلاقاً . الذكر شحن للإنسان : ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾ أنت بحاجة إلى الذكر قبل الذهاب إلى العمل ، بالغدو ، وبعد العودة من العمل ، بحاجة إلى ذكر يومي وإن الصلاة ذكر ، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ الذكر شحن ، أنت كهاتف جوال أنت بحاجة إلى شحن يومي صباحاً ومساءً . ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾ قبل الذهاب إلى العمل إنسان صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، وصلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ، أنت مغطى برعاية الله مدة أربع و عشرين ساعة . أكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله عز وجل : ﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ أكبر مرض يصيب الإنسان أن يكون غافلاً عن الله . أيا غافلاً تبدي الإساءة و الجهل متى تشكر المولى على كل ما أولى عليك أياديه الكرام وأنت لا تراه كأن الـــــعين حولاء أو عميا لأنت كمزكوم حوى المسك جيبه ولكن الــــمحرم ما شمّه أصلاً * * * ﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ الغفلة أخطر ما يصيب الإنسان لذلك قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ ( سورة الأعراف ) العندية هنا ليست عندية مكانية ، الله عز وجل فوق المكان والزمان ، هو خالق المكان والزمان ، عندية قرب من الله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ الملائكة المقربون ، ﴿ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ ﴾ التسبيح التعظيم ، التسبيح التمجيد ، التسبيح التنزيه ، إذا قلت سبحان الله فقد مجدته ، وإذا قلت سبحان الله فقد نزهته عن كل نقص ، وإن قلت سبحان الله فقد عظمته ، التمجيد والتنزيه و التعظيم. ﴿ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ يخضعون ، المؤمن لا يخضع لله وحده . أيها الأخوة الكرام ، بهذا الدرس انتهت سورة الأعراف بتوفيق الله وفضله الكريم . والحمد لله رب العالمين | |
|