اﻻحتجاجات العمالية تتواصل
بلومبرج: "الخدمة المدنية"يهدد شعبية السيسي
[*]
31[*]
[*]
إحدى المظاهرات الرافضة للقانون الجديد
" لدي التزامات مادية والأسعار في ازدياد، وإذا ضاعت كرامة الموظفين الحكوميين، فماذا يتبقى من هذا البلد؟"
بتلك الكلمات، استهلت المواطنة أمينة مصطفى الموظفة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي حديثها لشبكة " بلومبرج" الإخبارية الأمريكية خلال مشاركتها في تظاهرة انطلقت مؤخرا في القاهرة مع ما يقرب من ألفي موظف حكومي آخرين.
وتعد تلك المظاهرة هي الأكبر من نوعها للتعبير عن حالة السخط والاستياء من السياسات الاقتصادية لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ وصوله إلى سدة الحكم قبل 14 شهرا.
أمينة صوتت للسيسي في الانتخابات الرئاسية التي عقدت العام الماضي حينما رأت فيه " الرجل القوي" الذي بوسعه أن يخطو بمصر إلى الأمام. لكن بعد أن كشفت الحكومة عن سياساتها الرامية إلى خفض أجور نحو 6 ملايين موظف في الدولة، قررت أمينة، مع زملائها، إيصال صوتها للمسئولين عبر الاحتجاجات في الشوارع.
وفي حديثه عن الخدمة المدنية التي تلتهم قرابة ربع الإنفاق الحكومي، يسعى السيسي لتحقيق انتعاش اقتصادي قوي لكبح جماح العجز الحاد في الموازنة الذي بلغ 10% من الناتج الاقتصادي منذ العام 2010.
لكن الإخفاق في تحقيق هذا الهدف سيفاقم الأوضاع الاقتصادية المأزومة في الأصل وسيؤدي أيضا إلى تدمير ثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي.
وستتحدد النتيجة، في جزء كبير منها، إذا وقف موظفو الدولة خلف خطة خفض الأجور من عدمه.
وتحدث ياسر الشيمي، الباحث الزميل في جامعة بوسطن الأمريكية لـ " بلومبرج" بقوله:" إنها مقامرة كبرى. وربما تكسر قاعدة الدعم الشعبوي الذي يحظى به السيسي."
وتعد احتجاجات الموظفين، و الإجراءات المماثلة التي تعهد بها اتحاد نقابات مصر، هي العلامة الأحدث على أن التعديل المالي الذي تعهد به الرئيس بات صعب التنفيذ، حتى إذا زاد السيسي معدل الإنفاق على المشروعات العملاقة مثل توسعة قناة السويس.
خفض العجز
وقال عمر الشنيطي، المدير الإداري في بنك الاستثمار " مالتيبلز جروب" الذي يتخذ من القاهرة مقرا له:" من الصعب جدا فك شفرة التوجه الاقتصادي الاستراتيجي للحكومة، ما يضع المستثمرين في وضعية " لننتظر ونرى" والتي تنعكس بالطبع في تراجع وتيرة الاستثمارات المحلية والأجنبية، ومن ثم تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي."
وينص قانون الخدمة المدنية على تثبيت زيادات الراتب السنوي عند 5% بالإضافة إلى خفض الوقت اللازم للترقيات والقضاء على المحسوبية في التعيين بالوظائف.
وذكر المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالقاهرة أن القانون سيوفر قرابة 22 مليار جنيه ( 2.8 مليارات دولار) قياسا بتوقعات قائمة على المسار الماضي للأجور، والتي زادت بنسبة 10% في المتوسط في الثلاث سنوات الماضية.
مكلف وغير فاعل
توظف الحكومة المصرية نحو 25% من إجمالي القوى العاملة بالبلاد، مقارنة بـ 21% في المتوسط من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وحوالي 12% في دول مثل تشيلي والمكسيك وتركيا.
وذكر السيسي في خطاب له الشهر الماضي أن مصر تحتاج فقط إلى " رُبع" الموظفين في الجهاز الحكومي، ومع ذلك، فإن القانون لا يتعامل مع حجم البيروقراطية، مؤكدا أن الحكومة " لم ولن" تقدم على تسريح أو إحالة موظفي الدولة للتقاعد.
وفي هذا الصدد، أوضح الشنيطي أنه "من الواضح تماما أن احتياجات القطاع الحكومي بحاجة إلى إعادة نظر، فهي مكلفة وغير فاعلة."
وتسجل مصر معدل تضخم بلغت نسبته 10.8% في الـ 12 شهر الماضية، حتى مع هبوط أسعار السلع العالمية. وعلاوة على تراجع أسعار الوقود، زادت الحكومة من أسعار تذاكر القطارات والكهرباء لتخفيف الضغوط الملقاة على خزانة الدولة.
خفض التكاليف
وتواجه حكومة السيسي اتهامات بالميل إلى تقليص النفقات بدلا من زيادة الإيرادات في إطار محاولاتها الساعية إلى تعزيز أوضاعها المالية.
وفي مارس الماضي، ألغى المسئولون قرارا يقضي بفرض 5% تكلفة إضافية على المواطنين الأعلى دخولا في مصر، بعد تسعة أشهر فقط من بدء تنفيذه. وانتقد صندوق النقد الدولي القرار الخاص بإرجاء تطبيق ضريبة البورصة، قائلا إنها ستترك الفقراء يتحملون تبعات خفض التكاليف من جانب الحكومة.
تضحيات
وكان السيسي قد تساءل في خطاب متلفز:" هل حجم البطالة اليوم طبيعي ومناسب لبلد مثل مصر؟ مطالبا المحتجين بقبول القانون وتقديم " التضحيات من أجل بلادهم."
ومن المتوقع أن يصل العجز إلى ما نسبته 10.1 من الناتج المحلي الإجمالي في العام المنتهي في الـ 30 من يونيو الماضي، بتراجع عن 13.7% قبل عامين.
وكان النمو الاقتصادي ارتفع لأكثر من 4% للمرة الأولى منذ العام 2010 في التسعة شهور الأولى الممتدة إلى مارس على خلفية مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الحكومة.
وتخطط نقابة مصلحة الضرائب على المبيعات الحكومية لتنظيم " مليونية في الـ 12 من سبتمبر الجاري، وفقا لـ فاطمة فؤاد رئيسة النقابة.
وأضافت فؤاد أن النقابة تخوض حاليا سلسلة من المباحثات مع الحكومة من أجل وقف العمل بالتشريع ريثما يتم انتخاب برلمان جديد وهي العملية التي تنطلق في 18 أكتوبر المقبل.